كل ما تريد معرفته عن قانون الإيجار القديم والجديد في مصر 2025 – آياتي للتسوق
قوانين الإيجار في مصر مرت بتحولات كبيرة على مدار القرن الماضي، من القوانين الأولى بعد الحرب العالمية الأولى إلى التعديلات الأخيرة عام 2025. تسعى الحكومة في قانون الإيجار الجديد (رقم 164 لسنة 2025) إلى تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وتحقيق توازن بين حقوق الطرفين. من جهة أخرى بقي “الإيجار القديم” موضوع خلاف وجدال طويل، حيث كان ينص سابقًا على حق المستأجر في البقاء مدى الحياة بالأجرة القديمة دون زيادة، مما أثار مطالبات بتعديله لتحقيق العدالة بين المالك والمستأجر. هذا المقال يستعرض تاريخ تطور تشريعات الإيجار في مصر، والنقاط الأساسية في القانونين القديم والجديد، بالإضافة إلى الآثار والجدل الحالي والأراء المتخصصة التي تبرز التوازن الصعب بين العدالة الاجتماعية وحقوق الملكية. صورة توضيحية لمبنى مأجر قديم في القاهرة، يبرز بيئة الوحدات السكنية القديمة التي تأثرت بقانون الإيجار القديم على مدى عقود.

تاريخ الإيجارات القديمة في مصر
بدأ تدخل الدولة في تنظيم الإيجارات منذ القرن العشرين بموجب سلسلة من القوانين الهادفة لحماية المستأجرين خصوصًا في فترات الأزمات. فمثلاً في الحرب العالمية الأولى صدر قانون 11 لسنة 1920 وحدد سقفًا للأجرة وألزم الملاك بعدم إخلاء المستأجر إلا بحكم قضائي. تلاه قانون 121 لسنة 1947 الذي مثّل أول تشريع شامل للإيجارات وضع قيودًا على حرية الإخلاء وحدد سقفًا للأجور ليحمي الملاك وفِي نفس الوقت المستأجرين. خلال حقبة الرئيس عبد الناصر صدرت تعديلات حادة (مثل القوانين أرقام 199 لسنة 1952، و55 لسنة 1958، و7 لسنة 1965)، هدفت إلى تخفيض الأجرة بنسبة 15–35% للحد من المضاربة العقارية وتأمين السكن للفقراء.
رغم انفتاح مصر الاقتصادي في عهد السادات، ظل “نظام الإيجار القديم” مستقراً نسبيًا. ففي 1977 صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي ألغى القوانين السابقة وأدخل نظام لجان لتحديد الأجرة الثابتة وتقنين الإخلاء في حالات استثنائية فقط. وفي 1981 أقر قانون 136 لسنة 1981 زيادة سنوية محدودة للأجور وسمح للملاك بمطالبة مستأجري العقارات غير السكنية بمقدم إيجار يعادل سنتين عند تطوير المبنى. ومع ذلك، ظلت معظم عقود الإيجار “قديمة” تستمر تلقائيًا بعد انتهاء مدتها الأصلية، إذ اعتبر النظام أن العلاقة لا تنتهي إلا بشروط محددة مثل هدم العقار أو الحاجة الشخصية.
قانون الإيجار القديم قبل 2025
قانون الإيجار القديم (على القانون رقم 49/1977 وتعديلاته) كفل للمستأجر حق البقاء مدى الحياة في الوحدة المؤجرة بأجرة رمزية، حتى لو انتهت مدة العقد أو تم بيع الوحدة، وشدد على حماية المستأجرين من الإخلاء غير المبرر. بهذه الضوابط، أصبح المستأجر القديم – حتى من لا يملك بديلاً – يعيش في عقار بأسعار إيجار منخفضة، بينما تراكمت مطالب الملاك بتعديل القانون ليواكب الواقع الاقتصادي.
مع تصاعد أزمة المساكن واحتدام الجدل، رفعت المحكمة الدستورية العليا في 2024 طعنًا بعدم دستورية بعض مواد قوانين 1977 و1981 المتعلقة بتثبيت القيمة الإيجارية، مهددة بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر تلقائيًا في حال عدم التعديل. وفي استجابة للمحكمة، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر 2023 إشارات بضرورة حل قضية الإيجارات القديمة. ثم صدّق رئيس الجمهورية في أغسطس 2025 على قانون رقم 164 لسنة 2025 لإعادة تنظيم عقود الإيجار القديمة، إلى جانب القانون رقم 165 لسنة 2025 الذي عدّل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 الخاص بالإيجارات الجديدة.
المحاور الرئيسية في قانون الإيجار الجديد (164/2025)
قانون الإيجار الجديد صاغ قواعد متوازنة نسبياً لكلا الطرفين. فقد جعل مدة العقود القديمة محددة (سكني 7 سنوات، وتجار/إداري 5 سنوات) من تاريخ بدء العمل بالقانون، بدلاً من الديمومة السابقة. كما نص القانون على تقسيم المناطق العقارية حسب سعرها إلى مستويات (متميزة، متوسطة، اقتصادية) لتحديد القيم الإيجارية تدريجياً. وحدد القانون القيمة الإيجارية الابتدائية بقيمة بسيطة (250 جنيه/شهرًا) اعتبارًا من سبتمبر 2025، مع زيادة سنوية قدرها 15% للحفاظ على التوازن مع السوق. على سبيل المثال، إذا كان الإيجار القديم الحالي 250 جنيهًا، قد يصبح حوالي 287 جنيهًا في السنة التالية ثم نحو 330 جنيهًا في الثالثة بإضافة 15% سنويًا.
أضاف القانون حالات جديدة للإخلاء تهدف لوقف استغلال الوحدات: مثلاً إذا تُركت الوحدة مغلقة أكثر من عام دون استعمال أو امتلك المستأجر أو أحد أقاربه وحدة بديلة بنفس الغرض، يحق للمالك طلب الإخلاء القضائي السريع. كذلك كفل القانون لأول مرة حق المالك في استرداد وحدته بعد انتهاء المدة دون المماطلة القديمة، ممهداً لعودة العقار لسوق العقارات الحر بشكل عادل. وفي المقابل، ضمن القانون للمستأجر فترة انتقالية كافية للحماية: يجوز للمستأجر البقاء لمدة 7 سنوات (سكن) أو 5 سنوات (تجاري) من تاريخ العمل بالقانون، مع الاستمرار بدفع أجرة مخفضة ودفعية إلزامية لاتفاق الإخلاء عند توفير مسكن بديل. كما ألزم القانون الدولة بتوفير وحدات بديلة للفئات العاجزة ماليًا عند انتهاء التعاقد، شريطة أن يقدم المستأجر تعهدًا مسبقًا بترك الوحدة القديمة فور حصوله على البديل.
تطبيق القانون الجديد والآثار المترتبة
مع بدء العمل بالقانون في أغسطس 2025، أعلنت الحكومة رسميًا تطبيق مبلغ 250 جنيهًا كقيمة إيجارية مؤقتة للمستأجرين القدامى، وسيُجري الحصر الميداني لمعرفة العدد والتوزيع بهدف تعويض فرق الإيجار تدريجيًا وصولًا إلى 1000 جنيه كحد أقصى في النهاية. هذا الإجراء يمهد للإصلاح التدريجي للأسواق العقارية، حيث كان من المقرر زيادة الإيجار أسبوعيًا بينما يلتزم المستأجر بالانتقال إلى سوق السكن الحديث بنهاية المدد المحددة. وتُجمع الآراء حول آثار هذا القانون بين التفاؤل والحذر: يرى مسؤولون أن القانون سيعالج “عقود الإيجار الموروثة” ويعيد توازنًا للسوق، بينما يخشى خبراء اجتماع واقتصاد من عدم معالجة الانعدام النسبي لمساكن البديل سريعًا أو عدم تعويض كبار السن ذوي الدخل المنخفض بما يكفي. وقد حذّر بعض الاقتصاديين من “كارثة اجتماعية واقتصادية” إذا لم تُسدّ فجوة فجأة الانتقال بالإيجارات العالية الجديدة، حيث يعيش نحو 1.8 مليون أسرة في عقارات إيجار قديم يدفِع ثلثهم إيجارًا شهريًا أقل من 50 جنيهًا.
من جهة أخرى، تؤكد الحكومة أن التعديلات فرضت ضوابط جديدة تحفز استغلال الوحدات المتروكة وعرض الوحدات البديلة بكفاءة. على سبيل المثال، صدّرت قواعد جديدة للحصر والتعويض مخصصة لكبار السن ومن يمتلك دخلاً محدودًا، كما ستُقدم أولويات توزيع الإسكان البديل لهم... آياتي للتسوق توصي قراءها (ملاكاً ومستأجرين) بالاطلاع على أدق تفاصيل القانون وشروط التقدم للوحدات البديلة فور صدور اللوائح التنفيذية، ولفهم التزاماتهم القانونية الجديدة. في النهاية، تمثل التعديلات الحالية محاولة لتحقيق توازن بين حقوق الأطراف: فمنحت الملاك نهاية مؤكدة لعقودهم مع ضمان تعويض مادي أو وحدة بديلة، وفي المقابل حفظت للمستأجر حق البقاء مؤقتًا بأسعار ميسرة وحماية اجتماعية مؤقتة.

آراء المتخصصين
يرى خبراء القانون والدراسات العقارية أن التعديلات تحمل إيجابيات وسلبيات. من جهته، اعتبر المستشار القانوني محمد منيب (خبير قضايا الإيجارات) أن القانون الجديد يمنح المالكين حقوقًا أوسع لاسترداد وحداتهم بعد انتهاء فترات محددة، لكنّه ركّز على أهمية “التحولات التدريجية” وضرورة وجود أمان اجتماعي للمستأجرين خلال هذه الفترة. بينما نوه اقتصاديون كزياد بهاء الدين إلى ضرورة سداد الدولة الفارق بين القيمة السوقية الجديدة والإيجار المخفض لضمان عدالة اجتماعية. على مستوى التنفيذ، أشار ميس عبيد الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي إلى جاهزية الوحدات البديلة وتفعيل نموذج التقديم الإلكتروني، وبيّن أن أولويات الحجز ستكون لكبار السن وللفئات الأضعف وفق معايير الدخل. ورأى آخرون أن نجاح القانون مشروط بفعالية آليات التوثيق والحصر وتطبيق العقوبات على من يحاول التنصل من التزاماته الجديدة.
الخلاصة
على ضوء التطورات الجديدة، فإن قانون الإيجار رقم 164 لسنة 2025 يمثل محطة مفصلية في تاريخ تشريعات الإيجار المصرية. فقد أنهى نظام الإيجار القديم المبطن من العقود المفتوحة بلا نهاية، ووضع أطرًا محددة لبقاء المستأجرين وإنهاء العلاقة بين الطرفين. ورغم الجدل المجتمعي حول تأثيراته الاقتصادية والاجتماعية، فإن القانون يسعى لتحقيق توازن بين الحفاظ على السكن لمن لا يملك بديلاً، وبين الحقوق المشروعة للملّاك في استثمار عقاراتهم بما يتناسب مع متطلبات السوق. سيُفتح بعد ذلك تباين أرائنا حول كيفية صوغ مستقبل سوق الإسكان وتمكين المستثمرين العقاريين، لكن المبادرة الجديدة وضعت قواعد جديدة تُعيد رسم حدود العلاقة بين المالك والمستأجر. وللمزيد من التفاصيل، يمكن الاطلاع على نص القانون والمواد التنفيذية في الجريدة الرسمية وكذلك على التحليلات القانونية على مواقع الأخبار المتخصصة.
المصادر: تعتمد هذه المقالة على مراجعة القوانين المصرية المعمول بها (قوانين الإيجار الصادرة أعوام 1977 و1981 و1996)، ومصادر إخبارية موثوقة كالمصري اليوم واليوم السابع و«العربي الجديد»، بالإضافة إلى تحليلات خبراء قانونيين. في سبيل دقة المعلومة، تم الاستشهاد بمقتطفات من نصوص قانونية ومراجع حديثة حول الموضوع.
اكتشاف المزيد من Ayatie Store
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



